غريب أن يكون معظم الساسة والدبلوماسيون من الرجال، وإن تكون القلة من النساء،
ذلك أن الدبلوماسية سليقة لدى النساء، والسياسة طريقة حياة،
فقد تقف إحداهن عند باب الشقة تحدث جارتها لساعات، وعندما تريد أن تنهي الحديث تقول لها "طيب تفضلي" وهي لا تقصد أبداً أن تدعوها للدخول، فتجيب الأخرى "لا والله مشغولة يالله خاطرك" وهكذا تكون إحداهن قد قالت مالا تقصد والثانية قد فهمت ما لم يقال، وتنتهي فترة النميمة السريعة خلف الباب،
وقد كتب أحدهم كتابا ذاعت شهرته، وعنوانه الرجال من المريخ، والنساء من الزهرة، يتحدث عن الفروق بين النساء والرجال، حتى يشرح لكل منهما طبيعة الآخر،
ولكن المشكلة أن الرجال يعتقدون قبل الزواج أنهم يفهمون النساء إلى الدرجة التي لا يحتاجون فيها لقراءة كتاب، أو حتى سؤال مجرب، فكل واحد منهم يعتقد أنه مختلف وأنه يفهم النساء، كما لم يفهمهن أحد،
إلى أن يتزوج، ويعرف أنه مثله مثل غيره،
مازال في الأبجديات،
ويبدأ بالبحث عن كتب ووصايا،
وطلاسم تعينه على الفهم،
ذلك أن معظم الرجال يعتقدون في بداية حياتهم الزوجية، أن النساء يقصدن ما يقلن، وهذا هو الطبيعي،
إلا أنهم مع الأيام يكتشفون أن ما تقوله المرأة نوع من الشيفرة خاص بالنساء، على الرجال أن يتعلموه حتى لا يقعوا في المطبات،
فعندما تقول لك زوجتك بأننا نحتاج لكذا، فهي تقصد أنها هي تحتاج لذلك الكذا،
وعندما تقول لك أنها بحاجة إلى ستائر جديدة، فهذا لا يعني ستائر فقط، بل ستائر وموكيت وسفرة وغرفة نوم،
وإذا أخبرتك أنها بحاجة للباس من أجل عرس ابنة خالها، فهذا يعني أنها بحاجة أيضاً إلى حذاء وشنطة واكسسوارات، تتناسب مع ذلك اللباس،وتشغل الغيرة والغيظ في قلب ابنة خالها التي غالباً ما تكون أقرب صديقاتها أيضاً،
وإذا سألت عما إذ كنت مازلت تحبها، فهذا يعني أنها ستطلب شيئا ثميناً جداً،
وعندما تسألك فيما إذا كان وزنها قد ازداد، فهي تطلب منك أن تخبرها كم هي رشيقة،
وعندما تقول لك هل أحببت هذه الأكلة، فهي تقصد من الأفضل لك أن تحبها،
وعندما تقول لك نحن بحاجة إلى أن نتحادث، فهي تقصد أن لديها احتجاجاً تريد أن تبلغك به،
وعندما تقول لك أنا لست مستاءة فهي تقصد نعم أنا مستاءة،
وعندما تقول لك افعل ما يحلو لك فهي تقصد أنك سوف تدفع ثمن ذلك لاحقاً لو فعلت،
وعندما تقول لك أنها لا تريد أن تتكلم في موضوع ما، فمعنى ذلك أنها تتأهب وتعد العدة للانفجار،
وهي عندما تسألك سؤالا لا جواب له، لا تقصد أن تعرف الجواب، بل تقصد أن تحرجك،
وعندما تقول لك لا، فهو لا،
وعندما تقول لك نعم، فهو لا أيضاً،
وعندما تقول لك ربما، فهو أيضاً لا،
وإذا لم تفهم فما عليك إلا أن تؤمن بما قاله ذلك الفيلسوف من أن النساء لم يخلقن لكي نفهمهن، بل لكي نحبهن.
للكاتب : باهر النابلسي